//
you're reading...
Uncategorized

الشيخ إبراهيم السلقيني مفتي حلب: حلب ليست هادئة.. وحاولنا إعطاء الفرصة الكافية للإصلاحات “لكن هناك قوة تحمل وبعدها لا يمكن الإمساك بزمام الأمور”

قال مفتي حلب الشيخ إبراهيم السلقيني إن أهل حلب ليسوا بعيدين عما يجري في سورية، واعتبر أنه “يُظن خطأ بأن حلب هادئة، كما تردد مؤخراً”. وأضاف في مقابلة: “لقد كنا مع التهدئة وإعطاء الفرصة الكافية للإصلاحات لكن لكل صمام طاقة وقوة تحمل وبعدها لا يمكن الإمساك بزمام الأمور”.
وفيما يلي نص المقابلة:
– الدكتور إبراهيم أشكركم على استقبالكم لي وأنا معكم ليس بصفتكم مفتياً لحلب فحسب، فاسمكم معروف قبل أن تتولوا منصب الإفتاء، سمعنا عن لقائكم بالسيد الرئيس بشار الأسد الشهر الماضي، وأرغب أن أعرف انطباعكم عن ذلك اللقاء؟
– الدكتور إبراهيم: أشيع بين الناس أن ذلك اللقاء تم بطلب من القيادة، وأحب أن أوضح أنني طلبت هذا اللقاء وسعيت إليه منذ فترة ومن قبل اندلاع الأحداث، ولم يتم آنذاك. وكان الهدف من اللقاء النصح أولاً ونقل الصورة الصحيحة عما ينبض به الشارع ثانيا وذلك من باب الغيرة على الوطن ووحدته وصيانته من كل سوء والشعور بالمسوؤلية الملقاة على عاتقنا تجاه أمتنا ومجتمعنا قيادة وأفراد ومؤسسات، وقد بدأت حديثي – وبحضور ثلة من أهل العلم من حلب – بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم”. وقد كان اللقاء في قمة الشفافية، واستمع السيد الرئيس لكل الأمور، ومن جميع الحضور، ولم تتعلق القضايا المطروحة بالشؤون الدينية فحسب، بل امتدت إلى أمور الحياة ومسألة الحريات وأمور المعيشة. وكنا قد خرجنا من اللقاء ونحن متفائلون بأن حال البلد سيتغير للأفضل، مع إعطاء الوقت الكافي لهذه التغيرات، وخصوصاً بعد وعد السيد الرئيس بتكرار هذه اللقاءات التي تهدف للاصلاح، ونقل الصورة الصحيحة وتلاحم القيادة والشعب بجميع أطيافه.
منذ أيام حاولت متابعة ما يجري والاتصال بالقيادة ولكن دون جدوى.
– هل لي أن أعرف الهدف من الاتصال؟
كان الهدف هو نقل تأثرنا الكبير لما يسيل من دماء، وتأثر كل مواطن سوري، فكل دم غال علينا من أي جهة كانت، وحرمة الدماء يتساوى فيها الجميع، لا فرق في ذلك بين مسؤول ورعية. وكذلك كان الهدف الطلب من القيادة بضبط النفس وتهدئة الأوضاع الجارية بالحكمة والإسراع في معالجة الأمور التي كانت سببا في هذه الأحداث، ومحاسبة المتسببين.
– لمسنا أن لكم ولرجال العلم دور كبير في التهدئة في حلب، وكان هذا صمام الأمان الذي حال دون تفجر الأوضاع فيها؟
إن نبض الشارع في حلب لم يكن بعيداً عما يجري في سورية، ويُظن خطأ بأن حلب هادئة، كما تردد مؤخراً. لقد كنا مع التهدئة وإعطاء الفرصة الكافية للإصلاحات لكن لكل صمام طاقة وقوة تحمل وبعدها لا يمكن الإمساك بزمام الأمور، وقد وصلني ما قيل عن أهل حلب أنهم نيام، وأن مشايخها سماسرة القتل. نحن والحمد لله نتعامل مع الأمور وفق المفهوم الشرعي وليس وفق إملاءات وتحت أي ضعط من أحد، وقد كان هذا نصحي سابقًا للرئيس الراحل في مطلع الثمانينات بأن هناك غلياناً وتوترا في الشارع السوري إن لم يُتعامل معه بالحكمة وحسن التصرف فإن ذلك سيولد الانفجار، وحينها لن يُنظر إلى رأي الشرع والدين، وهذا أوضح مفهوم للفتنة.
– سمعنا كثيرا عن نبأ استقالتكم من منصب الإفتاء في حلب، فما مدى صحة ذلك؟
لو كانت استقالتي فيها حقن للدماء وتحقيق للإصلاحات المنشودة لفعلت، ويجب أن نتنبه إلى أن الإفتاء بالأصل ليس منصبًا سياسيا بل يعد مرجعاً دينيا وشرعيا وعلميا وهو مسؤولية تجاه من يريد أن يعرف حكم الشرع، الذي أُمرنا أن نرجع إليه في كل أمور حياتنا، ومن هنا فأنا لست مع تهميش هذا الدور، وهذا مما ناقشته في لقائي مع السيد الرئيس، حيث بينت أن رعاية الشأن الديني وتربية الأمة على مبادئ الشريعة وأخلاق الدين هو الحل لجميع مشكلاتها وتحقيق الإصلاح فيها بأقرب طريق بإيجاد الرقابة الإليهة الداخلية فيها التي تفوق رقابة القانون والسلطة وتدعمهما، ويرجع إلى للفرد والأمة كرامتهما ويكون السلاح الأقوى لتحرير فلسطين وأراضينا المحتلة.
– ما حكم الشرع في الدماء التي تسيل على أرضنا الحبيبة اليوم؟
كما ذكرت لكم قد حرم الله سفك الدماء، وحرمتها أكبر عند الله تعالى من هدم الكعبة، وكائنا من يكون الفاعل فلا مبرر له في قتل الأبرياء أو انتهاك الحرمات أو الاعتداء على الآخرين. ولكن بالحكمة وبدور عقلاء الأمة والمخلصين منهم ينزع فتيل الفتنة.
– ما هو الحل الذي يحقق الهدوء والاستقرار برأيكم؟
هناك خطوات إسعافية لا بد من القيام بها يمكن تلخيصها بما يأتي:
1- التقيد بأمر وقف إطلاق النار ووقف كل أساليب العنف ، خاصة من قبل من يمثل السلطة التي هي راعية لأبناء الوطن وحامية لهم وساهرة على أمنهم.
2- إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي، وإعلان العفو العام سواء كان للمعتقلين أو لمن هم خارج البلاد، وفتح باب العودة لهم سعياً وراء تحقيق مصالحة وطنية شاملة غايتها بناء وطن مزدهر آمن وعصي على كل مؤامرة.
3- فتح باب الحوار الفوري مع أطياف المجتمع وشرائحه كافة دون استثناء، ولن ينفع الحوار إلا مع من يمثل الشعب تمثيلا حقيقيا.
4- جدولة الإصلاحات، والإسراع بالإسعافية منها، ولا تتطلب سوى اتخاذ قرار، حرصا على تهدئة الأوضاع.
5- محاسبة الفاسدين والظالمين لاسيما من كان سببا في إشعال الفتنة وقتل الأبرياء.
6- ملء الهوة بين القيادة والشعب والتي كانت مرتعًا للمنتفعين والوصوليين.
إن مسارعة القيادة إلى تقوية الروابط بينها وبين الشعب بما يرضي الله تعالى هي التي ستشكل سداً منيعاً، يحمي البلاد من كل سوء، ويجعل الجميع صفا واحدا. وعند هذا يتحقق نصر الله إن شاء تعالى.
بطاقة تعريفية:
ينتمي الدكتور إبراهيم السلقيني إلى أسرة كرست حياتها لخدمة العلم والوطن، وهو يعد مرجعا للكثير ممن يحمل لواء العلم اليوم و الحقوقيين، وذلك لعمله مدرسا ومديرا لعدد من مدارس حلب والثانوية الشرعية بحلب، وأستاذا في كلية الحقوق في جامعتي دمشق وحلب. وكذلك أستاذا و عميداً لكلية الشريعة بجامعة دمشق.
نال شهادة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى في أصول الفقه من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بمصر، ولم يكن الدكتور إبراهيم منكبًّا على العلم الشرعي فحسب، بل عمل في شتى الميادين النافعة لمجتمعه وأمته، فقد ترشح لمجلس الشعب في الدورة الانتخابية الأولى ونال أعلى الأصوات في حلب، وكان مستقلاً يمثل كافة فئات الشعب، ولم يكن يومًا يتحدث باسم فئة أو طائفة، وقد حدثني أحد الإخوة المسيحيين أنهم كانوا يحضرون دروسه عندما كان مدرسًّا في مدارس حلب وفي كلية الحقوق في جامعتي دمشق وحلب، لما لمسوا منه سعة أفق وحسن خلق و تواضع وتعاملاً حضارياً.
سورية اليوم

مناقشة

لا توجد تعليقات حتى الآن.

أضف تعليق